منتديات النور والوفاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لماذا يفشل الإنسان في أن يكون سعيداً ؟

اذهب الى الأسفل

لماذا يفشل الإنسان في أن يكون سعيداً ؟ Empty لماذا يفشل الإنسان في أن يكون سعيداً ؟

مُساهمة  jihad الأحد نوفمبر 11, 2007 5:07 am

لماذا يفشل الإنسان في أن يكون سعيداً ؟



لماذا يفشل الإنسان في أن يكون سعيدا ؟ ذلك هو السؤال الذي يثيره عملنا هذا. و يبدو أن الفرودية أفلحت في طرح السؤال أكثر من الإجابة عنه حيث يقول جاك أندريjaques André عن كتاب" ضيق في الحضارة" » انه يطرح أسئلة أكثر مما يجيب عنها « وهي مفارقة تنقلب إلى امتياز يسعى الفيلسوف الى كنهه او هو يعي جيدا أن السؤال أهم من الإجابة.

لذا كان عودنا إلى Freud عود الاستلهام.إذ ليس بمقدورنا اليوم إن نتجاهل الكثافة الجدالية التي ترافق كل حديث عنFreud إلى حد قال معه بتريك لندرمان Patrick Landerman "فرويد هو نبي الحداثة الحقيقي،لكنه أعلن للعالم خبرا مشؤوما" . فبفضل Freud ، ليس بامكان الإنسانية أن تفكر بعد Freud كما كانت تفكر قبله .ومنذ أكثر من ثمانين سنة، احتل التحليل النفسي مكانة في واقعنا الاجتماعي والثقافي.وكان على Freud أن يناضل كثيرا لتتحول مفاهيم التحليل النفسي مثل العقد Les complexes إلى استعمالات يومية يوظفها الاقتصادي والسياسي والعامي....

و للكتابة الفرويدية ايضا بعدها البيداغوجي حيث جعل رائدها من أحداث الحياة اليومية أمثلة يستنير بها لإثبات أفكاره الثورية حول اللاشعور ،من ذلك مثلا "خمسة عشر فصلا من مجموع عشرين فصلا من كتاب مقدمة للتحليل النفسي تعلقت بنفسية الإنسان السوي".

ولعل الامتياز الأكبر الذي جعلنا نعود إلى Freud ونختار هذا الكاتب تحديدا أن التحليل النفسي الفرو يدي كان موضع اهتمام فكري من قبل فلسفات ذات منزع تأويلي مثل قراءة بول ريكور له Paul Ricœur ، فضلا عن كون التحليل النفسي في حد ذاته مقاربة تأويلية حيث اعتبره Paul Ricœur » حدثا في ثقافتنا «. لكنّ التحليل النفسي يتجاوز هذه المرتبة ليصبح » تأويلا للثقافة في مجموعها «.

فالتجربة التحليلية تحدث في حقل الكلام و التأويل ينتقل من معنى إلى آخر، من الدال إلى شيء آخر يريد أن يكون المدلول الأصلي، و رغم أن » الأمراض العصابية مثلها مثل الهفوات و الأحلام لها معنى و ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة المريض الحميمة « ، فإن ذلك لا يسمح بالادعاء أنّ هذا الدال يطابقه مدلول واحد مطلق لأنّ » ظروف الحياة المرضية لا بدّ أن تكون عديدة ومتنوّعة أكثر ممّـا اقترضنا « . فينتج عن تعدد المعاني أن المحلّـل ليس السيد المطلق ولاهو المؤتمن الوحيد على معنى النزاعات النفسية.

هذه الممارسة التأويلية تكسب Freud مكانة متميزة تساوي في الأهمية مكانة Marx و مكانة Nietzsche. هذا الثالوث، أطلق عليه Paul Ricœur اسم »أقطاب الظنّة وكاشفي الأقنعة «. إذ ساهموا جميعا ،كل واحد من زاوية اهتماماته وبأسلوبه الخاص، في الكشف عن فكرة قد تختلف شكلا لكنّها تحمل المضمون نفسه مفادها أن الفلسفة كانت واهمة عندما آمنت خلال قرون عديدة بالإنسان بصفته وعيا و إرادة و ذات خالقة للمعنى و مبدعة للدلالة. معلنين أن إنسان الفلسفة على وشك الانقراض ولم يبق له من ملاذ سوى بقايا متهاوية من الفكر الميتافيزيقي وأن الفكر أصبح يقتضي التخلّي عن الأوهام.

ورغم أنHabermas يرى فيHegel الوريث الحقيقي للممارسة النقدية بعد Kantفإن الخطاب الماركسي اعتبر أن النقد الهيقلي يحتاج بدوره إلى نقد فكان "نقد النقد" الذي أعلنهMarx على Hegel إذ لم تعد المقولات والمفاهيم و الفكر مجالات النقد بل أصبح هذا العالم الحقيقي الذي وجب أن يثور وهو مغزى قولMarx » سلاح النقد لا يمكن أن يعوّض نقد الأسلحة « فالعقل النظري التأملي حسب Marxلم يدرك الحقيقة القصوى المتعلّقة بأولوية الواقع ، أولوية المعيش ، أولوية مسألة الاستلاب ، أي نشاط الأفراد الحقيقيين في العالم الملموس لذلك أضفى ماركس على الفكر الأداة العلمية والثورية التي ستحرر البروليتاريا وكان هدفه الأسمى تحقيق الوحدة بين الإنسانية المعذبة .

هذا النقد المضاعف كشف الوجه الحقيقي للإيديولوجيا باعتبارها شكلا مخادعا من أشكال المعرفة ولئن اعتبرHegel الحداثة مصالحة الروح مع ذاته و بالتالي تحقق للروح المطلق فإن نيتشه يرى أن الحداثة هي إرادة الحقيقة التي تصبح واعية بذاتها كإشكال فالنقد داخل هذه القراءات لا يضع حدودا بل يسائل القيم فكان البحث الجنيالوجي بما هو بحث في الأصل ممارسة غايتها اختراق الأقنعة و كشف الحجب و ذلك بإعلانها عن "موت الإله" هذا الذي جعل من الإنسان إنسانا أعلى يدعو إليه نيتشه في المستقبل و بنفس القدر يجعل من الحداثة انحطاطا.

أما الخلخلة الفرويدية فقد عبر عنها Paul Ricœur بقوله " إنّ اللقاء بالتحليل النفسي يرج رجة هائلة من تكون في الفينومينولوجيا والفلسفة الوجودية(...)" إذ لا يتعلّق الأمر بالمساس بهذا الموضوع أو ذلك من مواضيع التفكير الفلسفي وإعادة النظر فيها بل أن كل المشروع الفلسفي هو المستهدف في ذلك. هذه الرجّة تمثّلت في تصوّر فرويد الجديد للوعي الذي قلب التصورات المتوارثة عن قدرة العقل و شفافيته. لقد جاء التدخّل الفرو يدي ليبرز ابتعاد الإنسان عن ذاته وانفصاله عنها بحاجز من اللاوعي والأهواء الدفينة و ليقلب سلطة العقل المزعومة كاشفا عن آخر عقبات أمام عقلانية مزهوّة بذاتها و محدثا » الإهانة الثالثة « بإعلانه أنّ » الأنا لم يعد سيدا في بيته« و قلب بذلك كوجيتو الفكر الواضح ليعلن عن وهم الوعي في اعتقاده أن يكون مبدأ وأن غياهب اللاشعور التي ظلّت مجهولة من قبل المفكرين تحول دون حضور الوعي أمام موضوعه.

لقد كشفFreud إذن أنّ الوعي كثيرا ما يكون مجرّد رموز تخفى دوافع لا شعورية وتقنعها و بناء عليه فما نظنّه وعيا ليس الا سرابا من اللاوعي. فتزعزعت بذلك أركان منتجات الثقافة التي عاشت أزمة تجلّت في كل تمظهراتها التي تشمل الفلسفة و الأخلاق و الفن و العلوم و السياسة و الدين الذي شبهه ماركس بـ » الشمس الوهمية التي يدور حولها الإنسان ما دام لا يدور حول نفسه « .

هذا الإشكال وعي به نيتشه كذلك الذي اعتبر أن لا معنى للفكر الحر دون التحرّر من أوهام الدين ذلك أن الدين عائق أمام ولادة الفكر الحر لأنه عائق أمام ولادة الفكر العلمي وإذا كان العلم عاجزا اليوم عن منح الإنسان ما يحقّق له أن يأمل فيه فإن ذلك عائد إلى أن فكرة الإله مازالت تهيمن على كل البنى السياسية و الاجتماعية بما فيها تلك التي تظنّ أنّها مستقلّة عن الدين.

نحن إذن أمام فكر لا يتردّد في الكشف عن هويته، فكر لم يعد يشعر بإحراج في أن يقول صراحة بأنه جاء لزعزعة استقرار الإنسان و إزاحته عن مركزه و تحطيم ما يتوهم أنه من صنع إرادته و تاريخه و تدبير وعيه وإبداع ثقافته فنشأ تكامل بين Freud –Marx–Nietzsche، أفرز تيارا يحمل هذا الاسم وقام بتحليل سلسلة من المقارنات بين بنية اللاوعي وبنية علا قات الإنتاج ومقارنة بين السلطة و اللذّة وإقامة موازنة بين الماديّة التاريخية والتحليل النفسي كمحاولة تقديم قراءة تحليلية لمقولات الماركسية كمقولة العمل والحاجة والاستلاب... خير من يجسدها هاربارت ماركوز Herbert Marcuse .


فمعايشة أزمة الحضارة جعل الهدف الرئيسي داخل هذه الاطروحات تدعو إلى تأسيس ثقافة جديدة نقية من شوائب المقدّس متحررة مما هو إرتكاسي هي ثقافة قوامها "إرادة القوة "عند نيتشه الذي أعلن أنه » إذا كان علينا أن نعمل على إنجاح ثقافة ما، فلا غنى لنا من وجود قوى فنية خارقة لتفتيت غريزة المعرفة اللامحدودة من أجل إعادة خلق وحدة أنّها وحدة الفن و المعرفة بما هي أساس الثقافة الجديدة « .

jihad
عضو نشيط
عضو نشيط

عدد الرسائل : 90
العمر : 60
تاريخ التسجيل : 08/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى